في الإبداع والإلهام: كيف توقظ نفسك على الإلهام وهل إستلهم "آينشتاين" نظريته النسبية من "هيوم"؟

مرحبًا عزيزي القارئ، دعني أقدم لك وعداً سينفذ نفسه إن أنت أعطيته من وقتك للإطلاع عليه فتدوينة اليوم هي عبارة عن مادة مرتبة وعملية لكي تكون مُلهماً. أبرم هذا الاتفاق القصير معي وهيا لنُبحر في 4 محاور داخل طبقات الإلهام: 

 

• المحور الأول: ماهو الإلهام ولماذا علينا أن نستلهم؟ 
• المحور الثاني: فوائد وعوائد الإلهام 
• المحور الثالث: الإلهام في كل مكان وفي كل شيء
• المحور الرابع: ٧ وصفات سريّة للخروج بإلهام 

 

المحور الأول: ماهو الإلهام ولماذا علينا أن نستلهم؟ 

 

هيوم هو فيلسوف وكاتب عاش في القرن الثامن عشر، وصلت كتاباته لآينشتاين من خلال ندوة كانت تتناول الأحاديث الفلسفية والفيزيائية، وبعد ولادة نظريته المدوية "النسبية العامة" كتب آينشتاين إلى أحد أساتذة الفيزياء معترفاً أن هيوم قد ألهمه ليلد نظريته الفيزيائية. 

 

بعد هذه القصة المختصرة عن إستلهام آينشتاين، فقد عَقِل عقلك تلقائياً مراحل وترتيبات الإلهام لذا لن نتطرق لها بالدقة العلمية. ونحن هنا اليوم لكي نضيء بصيرتك أكثر عمّا هو الإلهام، ولماذا عليك أن تستلهم؟ لتصبح واعياً على هذا الجزء الثمين من تجربتك البشرية، ومحترفاً بصيد الأفكار المُلهمة بل وخلقها كلما دعت الحاجة لذلك. 

 

لا يختلف تعريف الإلهام لدي عن تعريف الإلهام لديك، فالإلهام هو فكرة أو شعور يمضيان لأبعد من فكرة أو شعور! وينتهي الإلهام كعمل خلّاق وناجح رغم تعثراته الطفولية. 

وفي نظرة أبعد، إن الإلهام ياعزيزي القارئ، أوكسجين الروح، فلولا الإلهام لما عبّرنا عن إختلافاتنا بالطرق المؤثرة المختلفة. 

 

لكن فلنتسائل الآن لماذا علينا أن نستلهم؟ لماذا علينا أن نكون مُلهمين؟ ببساطة: لكي نعيش.

لكن ماذا نعيش؟ أولاً تفردنا، ثانياً تعلّمنا، ثالثاً إستخدامنا الواعي والمقصود للإلهام في أعمالنا والكسب منه. إن الإلهام في الحقيقة "متسم بالمرونة" فهو قد يكون أصغر أو أكبر من ذلك، وهنالك من أصبح الإلهام لهم؛ طوق نجاة! فتعال لنبحر أكثر ففعل الإبحار وحده -مُلهم- يصنع لك عوامة بسبعة نجوم! 

 

 

 

 

• المحور الثاني: فوائد وعوائد الإلهام:

 

سأذكر لك ١٠ نقاط ستتفرع بدورها إلى ١٠٠ نقطة أخرى عندما تختبرها! هذي هي صفة أخرى للإلهام فهو "متشعب" يبحث بسرعة عن أي طعام فكري أو شعوري لكي يُوجد نفسه بعالمك المادي. 

 


وسنحصرُ هنا الفوائد والعوائد بشكل مبسّط: 

 

الفائد ثم العائد:

١_ الفائدة: الإلهام هو نقطة البدء - العائدة: الشعور بكفاءة الخطوة الأولى 

٢_ الفائدة: الإلهام يبعث على الإجتهاد – العائدة: الدافع الإستمرارية

٣_ الفائدة: الإلهام فيه كل الطاقة المحتاجة – العائدة: التركيز 

٤_ الفائدة: الإلهام يبثق إمكانياتك الكامنة – العائدة: إكتشاف الذات

٥_ الفائدة: الإلهام يجلب لك الملهمين – العائدة: علاقات مغذية

٦_ الفائدة: الإلهام أساس متين للثقة بذاتك – العائدة: إقبال على الأفعال

٧_ الفائدة: الإلهام يؤدي إلى المكاسب – العائدة: مصدر مالي وضمان إجتماعي 

٨_ الفائدة: الإلهام يوظفك – العائدة: تفعيل ميولك ومواهبك

٩_ الفائدة: الإلهام يجددك – العائدة: أساليب جديدة ومنتعشة

١٠_ الفائدة: الإلهام يجعلك متصفاً بصفاته! -العائدة: كل مايمكنه أن يكون مُلهماً  هو أنت.

 

 

بعد ماتعرفت على فوائد وعوائد الإلهام لاشك أنك زدت وعياً فيما يخصه، وهذا هو الهدف الرئيس عزيزي القارئ! فأنت مخزن من الإلهام وكل ماعلينا فعله هو حثّه على الخروج ليحقق مُنجزاته الثمينة.

 

 

• المحور الثالث: الإلهام في كل مكان وكل شيء

 

وهذا محور تمهيدي لكي تكون مستعداً لآخر محور يتضمن التطبيق العملي، وفي هذا المحور سأخبرك الكثير عن أماكن الإلهام والأشياء الملهمة، لأوصل لك فكرة رئيسية أخرى [ستستنبطها إن كنت متنبهاً!] في البداية الشيء المُلهم ليس بالضرورة أنه متسم بالروعة، أي ليس من الضروري أن يكون تلقائي الإلهام، فالإلهام لا يُعنى بالأشياء، بقدر مايُعنى بمن يرى الأشياء. وهذا يعني أنك تستطيع أن تستلهم نصوصاً شعرية من صورتك عندما كنت صغيراً، أو من خطّ يدك المبعثر كشكل طائرة نفاثة كالتي ترسمها بالغيوم -ولاحظ هنا خاصية من خواص الإلهام فقد ظهر مرة في خطّ يدك ومرة أخرى في الغيوم!- لتدرك أنك أنت من ترى الإلهام وتساهم في خلقه أثناء تشكُله في كل شيء.

وكل ماعليك فعله تالياً هو إستخراجه ثم الوعي به لتوجيهه لمبتغياتك وأهدافك. 

 

أما الأماكن المُلهمة فهي تثير فيك أحاسيس الدهشة والتعجب، والإحساس هو أكبر دافع للإلهام، فسلاسل جبال الآلب ستوقظ في داخلك إمتناناً عميقاً للخالق وإلهاماً بالرسم أو التعبير وشعوراً كثيفاً بالحياة. ومن أحاسيسك التي ثارت يتماوج الإلهام ويخرج على شكل فكرةٍ وليدةٍ خلّابة.

 

فقدرة الإلهام على بث الأحاسيس الرائعة فيك، تجعلك قادر على تسخيره لأن يرتقي بك لأي أعالٍ تطلبها أو ترجوها، لاتنسى أن الإلهام لا يحتاج للقبض عليه بقدر الوعي فيه فهو أداتك الخادمة التي تطوع كل ماحولك في أي لحظة كنت لتستخلص منه أملك وروائعك وطريقةً لأعمالك.

 

• المحور الرابع: 7 وصفات سريّة للخروج بالإلهام 

ويمكنك حمل الورقة والقلم لتقوم بعصف ذهني وإستخراج مايمكنه أن يلهمك مباشرةً مما سيتم ذكره…

 

الوصفة الأولى: الإستلهام من حياتك اليوميّة ؛

ومن أمثلة ذلك: القطار الذي يمر حولك، أزيز النحلة التي تحوم فوقك، الإزدحام المروري، التدريبات اليومية للطيور في السماء، عبق الورد الذي تستنشقه، زميل مثابر يعجبك أداؤه. 

 

مثال: 

المُلهم/رسّام: هل يمكنك أن تكرم زميلك من خلال رسمه وهو يحوز على ميداليات كبرى؟ 

 

المُلهم/كاتب: هل يمكنك الكتابة عن المراحل التي تعتقد أن زميلك مر بها لكي يكون مجتهداً وتنقل قصته من وجهة نظرك؟

 

* قد تجرّب أن تقوم بمقابلة معه.

 

المُلهم/مصمم: هل يمكنك تصميم منشور يحتوي على عناصر الإجتهاد التي تظن أن زميلك يتبعها؟ 

 

الوصفة الثانية: الإستلهام من الكظم اليومي ؛ والكظم هو ماتؤجل التعبير عنه أو قوله، سواء إن تعلق بأمورك وأمور الغير، وقد يكون لإي سبب كان كالتهذب. فمثلاً لو شاهدت موقفًا لم تعجبك ردة فعل صاحبه، وتكونت في رأسك ردة الفعل التي تظنها مناسبة تستطيع في هذه الحالة أن تستلهم من الموقف الذي أردت له أن يحصل! وهذا ينطبق على كل الأشياء. 

 

الوصفة الثالثة: الإستلهام التصوّري ؛ أخلق صورة ثم جمدها وصف ما تشعر أو ماتتصور. وفي هذه الوصفة، تركّز على تغيير موضعك من إنسان إلى لوحة، أو من لوحة إلى قطّة. وتستخدم منظورك الإنساني في التعبير عما لا يمكنه أن يقع تحت الوصف الإنساني المعتاد. 

 

الوصفة الرابعة؛ الإستلهام من جُعبة الخيال ؛ تخيّل ببساطة مايخرج منك، قم بأحاديث خياليّة في مكان خيالي مع شخصية خياليّة وأخبره عن أمور متخيّلة، شاهد دورك ودوره الخياليين، دوّن كل ماحدث في مخيلتك.

* قد تحتاج البدء من خلال سؤال كالآتي: ما الذي سيحدث قريبًا في العالم؟ 

 

الوصفة الخامسة؛ الإستلهام من معاناتك ؛ أدرك أنك قد تشعر أنك قد لا تريد الإستلهام من أمور مزعجة أو مؤلمة، لكن هل تدرك أنك تستطيع ضرب عصفورين بحجر عندما تستلهم من معاناتك؟ فستشعر حتماً أنك أحدثت نقلة لجراح الماضي كإنجازات للمستقبل على المستويين النفسي والإلهامي. 

 

وسنطبق في هذه الوصفة تقنية بسيطة من مدرسة علم النفس -العلاج بالمعنى- وسنسترشد معاً من خلال السؤال التالي عما يمكننا فعله:

 

ما المعنى الذي يمكن أن تخرج به معاناتي لأستلهم منه مايوجهني لمرادي وأهدافي ويشعرني بمشاعر جيّدة؟ 

 

مثال: ماهي دروسك التي تعلمتها ومشاعرك التي نضجت؟ 


* هل تستطيع كتابة قصة مقتبسة من قصتك؟ أو تحويل قصتك إلى عمل فني؟ أو قصّ القصّة على من يحتاجون الإستماع لخلاصة تجاربك؟ 

 

الوصفة السادسة: الإستلهام من ترجمة الحواس ؛ وفي هذه الوصفة عليك ألا تجرب فهم العالم من خلال الحواس المعتادة التي تستخدمها دائماً، فمثلاً لو كنت سمعياً أسمع بعينيك هذه المرة، ولو كنت بصرياً أنظر من خلال يديك. فعّل مايسمونه "الحاسة السادسة" وهي الحدس أو الشعور أثناء الإستغراق بالحواس الأخرى. 

 

ولدينا هنا لعبة ممتعة: أغمض عينيك، تلمّس ماحولك، ترجم اللمسات المعروفة إلى شيء آخر غير معروف فمثلاً الورقة قد تغير شعورك الإعتيادي من أنها ورقة إلى شيء آخر! أطلق العنان لأحاسيسك ودعها تترجم كما تريد! 

 

توسعة للتجربة: إبحث عن صندوق فارغ وضع مايمكن فيه من الأشياء ثم إجلب شخصا آخر ليلعب هذه اللعبة الشيّقة وبإمكانك الإستفادة من أجوبته!

 

الوصفة السابعة: الإستلهام باليقظة ؛ وفي هذه الوصفة ستكون يقظاً طوال وقتك، لكنك لست تعباً. فاليقظة هنا تعني أن تنتبه إنتباهاً لطيفاً لكل مايخرج من عالمك الداخلي، والهدف من هذه الوصفة هي أن تستخدم نفسك شخصياً بكل مواردها الداخلية للإستلهام، لا تقلق لايزال العالم من حولك يلعب دوراً أساسياً في عملية الإستلهام، فأنت لن تغيب نفسك عنه عدا أن الأشياء عندما تدخل ذهنك سيتركز الإحساس على الإحساس الجديد دون المرور بتشييء.


أخيراً، أشكرك على وصولك لنهاية التدوينة، ولا تنسَ 

أنك بحد ذاتك أعجوبة، ولست بحاجة لمطاردة معقدة للإلهام، عليك فقط البدء بالأفكار التي جهزتها لك، لتجد نفسك بدأت طريقًا يشبه روحك. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصّة طبيب في مصحّة - الجزء الثاني

قصّة طبيب في مصحّة - الجزء الأول

القصة القصيرة الفائزة بمسابقة بيت السرد 2021 : قصة بعثُ فكرة